«نُزهةُ الروح»

 كُنَّ رَحِيمًا تَنْجُو

أَثْمَنَ مَا يَمْلِكُهُ اَلْمَرْءُ فِي اَلْحَيَاة، هُوَ أَنْ يَمْلِكَ قَلْبًا عَطُوفًا، رَحِيمًا، مُخْلِصًا، قَلْبًا يَشِعُّ نُورًا وَجَمَالاً حَقِيقِيًّا، فَيَطْغَى هَذَا اَلْجَمَالِ عَلَى أَفْعَالِ اَلْمَرْءِ فَيُجْمِلُهَا، قَلْبًا نَقِيًّا يُشْبِهُ قُلُوبَ اَلصِّغَارِ فِي نَقَائِهِ، وَالْأَجْدَادُ فِي عَطْفِهِ، فَالْمَرْءُ لَا تُجْمِلُهُ اَلثِّيَابُ وَلَا كَثْرَةَ اَلْأَمْوَالِ، بَلْ كُلُّ مَا يُجْمِلُهُ هُوَ ذَاك اَلْقَلْبِ اَلنَّقِيِّ اَلَّذِي يَحْمِلُهُ، وَعَجَبِي! مِنْ أُولَئِكَ اَلْأَشْخَاصِ اَلَّذِينَ يَفْتَخِرُونَ بِقَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ ظَانِّينَ بِهَا خَيْرًا، عَجَبًا! لِأَمْرِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ تِلْكَ اَلْقَسْوَةِ أَبْشَعَ مَا يَمْلِكُونَهُ، وَانْ اَللَّهِ يُحِبُّ اَلرُّحَمَاءُ وَيَرْحَمُهُمْ، وَيُبْغِضَ اَلْغَلْظَاءْ وَلَا يَرْحَمُهُمْ، فَنَحْنُ جَمِيعًا خَلَقَنَا اَللَّهُ مِنْ طِينٍ، وَالطِّينُ يَتَّصِفُ بِاللِّينِ، فَكَيْفَ نَتْرُكُ صِفَاتُ مَا خَلَقَنَا مِنْهُ وَنَتَشَبَّه بِالْحِجَارَةِ؟! فَوَالْلّهُ لَنْ يَنْفَعَنَا فِي يَوْمِ اَلْعَرْضِ عَلَى اَللَّهِ قَسْوَةً وَلَا شَدُّهُ، بَلْ كُلُّ مَا يَنْفَعُنَا حِينَهَا هُوَ ذَاكَ اَللَّيِّنِ اَلَّذِي يَمْلَأُ قُلُوبَنَا، رُبَّمَا تَنْفَعُنَا تِلْكَ اَلرَّحْمَةِ اَلَّتِي أَصَابَتْنَا؛ فَسقِينَا طَيْرًا، وَأَطْعَمَنَا هِرِّهِ، وَتصَدِّقنَا لِمحتَاجٍ، وَفِي اَلنِّهَايَةِ فَالرَّحِيم ستُنْجِيهُ رَحْمَتُهُ، وَالْقَاسِي ستُهْلِكُهُ قَسْوَتُهُ، فَلْنَتَرَاحَمْ جَمِيعًا وَلْنَنْتَظِرْ أَنَّ تُنَجِّينَا تِلْكَ اَلرَّحْمَةِ فِي يَوْمٍ لَا يَنْفَعُنَا فِيهِ قَسْوَةٌ وَلَا شِدَّةً، وَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينِ دَائِمًا أَنْ تَشْفَعَ لَنَا تِلْكَ اَلرَّحْمَةِ، عِنْدَمَا يَشْهَدُ عَلَيْنَا كُلِّ مَا رَحِمْنَاهُ شَهَادَةً تُنَجِّينَا مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ. 

گ/ هالة البكري