"كنز الزمان"

القائمة الرئيسية

الصفحات



أرى عينيكِ تحملان حزنًا دفينًا، أرى حرية تريد أن تطير لكنها من المأسورين، ضقتِ ذرعًا بأفعال الظالمين، وحينما أرادوا منكِ الكلام وسألوكِ لم تُجبِي بجواب مبين، لِمَ لم تجيبي بجواب مبين؟ لِمَ لم تردي فأنتِ لستِ بكماء؟ لِمَ لم تحكي قسوة السنين؟ لِمَ اكتفيتِ بالصمت و البكاء؟ علمت من عينيّها أنها خافت على الأحباب، تلك الأم المسكينة، تلك الشابة الحزينة، أتهموها بانتهاك حُرمة الأمانة، اتهموها بأنها إنسانة جبانة، كانت على علم بهوية السارق المحتال الذي وضع عليها ثقل الجبال، لكنها خافت على أولادها الصغار فقبلت أن تحمل العار بكل صبر وأصرار.

الأم تتحمل لأجل الأبناء أحمالًا كالجبال، لأجلهم تقهر أي محال، إنها أنبل المخلوقات، إنها لا توصف بكلمات، لطالما كُتب في جلالها الحكايات، لطالما حُكيت روايات كان أبطالها أمهات، لطالما رأيت احترامها عبر العصور، لطالما لمست كيف هي مصدر حب وحبور، تلك الأم الحزينة، حبها لأولادها جعلها تقبل أن تكون سجينة. تلك المرأة في سجنها الكئيب، ضحكات صغارها تداعب الأذان، هي لهم في اشتياق، كم تتخيل سعادتها عندما تكون معهم في تلاق! هل رأيتم أيها السادة الأحباء؟ هذا هو قلب الأم الحنون القلب المعطاء، يعطي ويعطي فهو يعلم معنى العطاء.

أمي، أنا أعلم أني أخطأت في حقك مرات، أمي، لطالما عاملتيني باللطف في كل الأوقات، كل ما أسعاه الآن يا سيدة الأحباب نوال الرضا والغفران على كل ما مضى، إني نادم وطالب غفران ذنبي، فأنني لم أستطيع أن أوفي بديني، لكني أعدك الآن أن أضعك في ننيَّ العين، وأحفر حبك على الجبين وسأخلد ذكراكِ على طول الزمان.

اسمك لن يفارق اللسان، أنتِ أمي وملكة الكيان.


بقلم/ ريموندا حنا حبيب


تعليقات

التنقل السريع