الرفيق المؤذي

القائمة الرئيسية

الصفحات

 الرفيق المؤذي


بقلم: مريم الديب 


أعتذر يا عزيزي؛ لن أتحدث معكَ اليوم؛ لأن ما يُضمر بذاتِي ستتولىٰ ذلك. 

لا يُهم إن كنتَ علىٰ علمٍ بوجودي أم لا، ولن يُفيدني بشيءٍ معرفتكَ للأشخاص الذين أرافقهم، لكن أيُمكنكَ التعامل بلينٍ ورحمَة مع كافةِ الأشخاص الذين تلاقيهم في حياتك؛ فقد يكُون هنالكَ شخصًا مُصاب بداء وجودِي يتأذىٰ أضعافًا؛ بسبب كلمة منكَ أو ينضم أحد إلىٰ عالم الألم مِنها، لا تستعجب كثيرًا من حديثِي عن ما تُلقيه أفواهكَ من الكلام -تحديدًا- دونَ غيره من الأمور التِي تُعاظم الدمار النفسيِّ؛ وذلكَ لمعرفتي الكاملة لفتاةٍ أُصاحبها، العبارات كفيلة بجعلها تفكر في الغروب عن الحياة؛ فهيَّ تأخذ مصطلحاتكَ على محملِ الجِدِّ الزائد، وتُفكر فيها دائمًا وتظلُّ تلكَ المواقف ثعبانًا حيّ جوفَ عقلها يسلب منها حق الراحة، تلكَ ليست مشاعر مفرطة منها أو ما شابه، بل هو قلب أنهكَ حتىٰ غدىٰ لا يتحمل شيء؛ فأنا الاكتئاب يا عزيزِي يُمكنكَ وصفي بالثُقب الأسود الذي يُكفِر أيام من يهرعُ إليه، والمشكلة أن الجميع ينفُر مني ولا يُوجد من يأتِي إليَّ بإرادته؛ كُلهم أسَرتهم مواقف العَيشة العصبية؛ فاختاروا الاستسلام عن العناء دون روح، وإن لم تواجهنِي في دُجنتكَ مُؤكد لن تستوعب مقاصدِي، لكن أتتحمل أن تُداهمك مشاعر عديدة وأحداث غريبة من تفكير دائم مُفرط في الشيء واللا شيء، وعدم التفريق بين السعادة والحُزن، وآلالام شديدة في منتصف الصدر، والاعتقاد أن مُهجتكَ تُؤخذ من فؤادكَ؛ لكثرة الألم الحاصل به، وأوجاع شديدة في بطنك، وصراع دائم؛ لعدمِ قدرتكَ على تفريغ ما بداخلكَ بالبكاء، ورغمَ ذلكَ تكون مُرغمًا على مُواكبة مُتابعة السير فِي طريقكَ؟ صدقنِي لا أرحم مُطلقًا، أعمل علىٰ حرمان أفراد عالمِي من الأمان والسلَّام الداخلي، اللذي بدونهم لا للحظاتٍ سعيدة تَضُم الأوقات الحزينة إليها؛ فقَبل التقليل من واقع أناس غيركَ يُعافرون بصعوبة؛ كي يتمكنوا من تجاوز يومهم، تذكَر أنكَ مُؤكد سيحين يوم تصير فيه فردًا منهم ولن تُلاقي لُطفها من يبعث باطن منبع ديجُوركَ ضياءً تُستضاء به، فاستلطِف.



تعليقات

التنقل السريع