طفولتي

القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أنا طفل عشتُ في عالم قاسي، عشتُ مع أشخاص لا يوجد في قلوبهم رحمة! ربي أراد أن أكون منهم، و أن أكون وسطهم وها أنا أدفع ثمن ذنب لم أرتكبه بالأساس! أصبحت أخاف من كل شيء، أصبحت أخاف من العائلة بأكملها؛ بسبب صراخهم العالي، أصبحت أخاف الحيوانات وأصبحت أراهم جميعهم حيوانات مفترسة، حتى أنني أخاف الطيران وأعني أنني أخاف من العالم بأكمله! يا ليتني لم أُوجد في عالم قاسي ليس فيه مُتعة، ليتني أذهب من هذا العالم المخيف بالنسبة لي، عالم تملوه القسوة والمخاوف، لا يوجد لي مكان في هذا العالم، كنتُ أعتقد أن تلك المخاوف ستذهب بعيدًا عندما أكبر في العمر، ولكن كنتُ مخطئًا، لأن المخاوف استمرت معي في كل مراحل عمري، حتى أصبحت معقدًا وكلي طاقة سلبيةؤ أريد كسر حاجز الخوف الذي يتملكني، أريد أن أعيش وسط أشخاص أحبهم، أريد الحنان، والدفئ لأشعر بالأمان.

هل هذا كثيرٌ على طفل لم يعش من الطفولة شيء أو بالأحرى لم يدرِ ما هي الطفولة! في لحظة خوف أتمنى أن يرتمي في أحضان والدته، وفي لحظة ضعف تمنى كتف أبيه ليستند عليه، ولكن الحياة كانت أقسى من أن تمنحه ما يريد، جالس على سكة الحياة ينتظر، ولكن يبدو أن قطار الطفولة قد فاته، لا يمكنني أن أفهم لماذا يقول بعض الناس أن الطفولة هي أجمل فترة في عمر الإنسان! لم تكن سعيدة بالنسبة ليِ إطلاقًا، وهذا ربما يكون سبب عدم إيماني ببراءة الطفولة، أذكر طفولتي كانت فترة صعبة وحزينة ومليئة بالخوف، الخوف ممن حولي، الناس، والأصدقاء، هناك أشياء لا يمكن أن أنساها، يبدو من المستحيل أن تصدق كيف أن بعض الذكريات يمكن أن تكون بهذة القوة، فأنا لم أعش كطفلة حتى في طفولتي.

حسناً لا بأس في ذلك! فهل يمكن أن يتغير قدري بعدما بلغت من عمري!

فَو الله لا! فلم أستطع أن أنجو من قسوة طفولتي فأرى انقلاب كل ما فُعل بي إلى عمري الحالي! فَالآن أنا في الرابعة عشر من عمري وما زلت أعاني من تلك المشاكل العائلية، وضجيج العائلة ولكن لا بأس مرةً أخرى! أجلس بمفردي وأخشى أن أخرج إلى العالم الملئ بالوحوش والصعاب، أخشى أن أخسر ولا أستطيع المواجهة، اعتدت على عالمي الدافئ الذي يشعروني بالطمأنينة فقط، كلما اتخذ القرار إلى الخروج والموجه أرى أنني لا أستطيع حقًا، عالم غريب لا يناسب طفلة، ولا يوجد به البراءة التي في وجهي ولا القلب الأبيض الصافي مثل الثلج، أخشى الوحوش البشرية التي تطاردني دائمًا حتى في أحلامي، أليس من ملجأ ألجأ إليه من كل هذه الوحوش!



بقلم : نور أبو الوفا

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع