بعد سخريةِ الجميع منه قرر صديقنا ذا أن يغادر ويجلس بعيدًا عن هؤلاء البشر، بعد أن ذكت الأحزان قلبه الوهن وعلا عقيره بالبكاء ثم تحول البكاء إلى زمجرة، وقد رابه تفكيره أيذهب كالصنديد ويهين الذين سخروا منه أم يترك المكان يهرب بعيد عن هؤلاء القوم! وفجأه خطر بباله أن يسبح في خيال عقله كما كان يفعل أثناء صغره، ولكن لَم يأخد الأمر تفكير طويل بل قرر تنفيذ ذلك مسرعًا؛ فأغمض عيناه الدعجاء وبدأ يبحر في خياله فرأىٰ روحه في صحراء، وظل يسير بها يسير، ويسير فقد أصبح ظمئان وأُجهد فأراد الجلوس، وإذ يرى صخرة فهرول نحوها مُسرعًا حتى وصل إليها فجلس وأصابته الغبطة فقد أراح قدماه بعد كل هذا السير، وإذ فجأة يجد حية تجري نحو قدمه فصرخ وجرى مُسرعًا وإذ بالحية تجلس فوق الصخرة لم يعي لماذا فعلت الحيه ذلك فقد كان سعيدًا في راحة، لماذا فعلت به هكذا! ولكنه رد على نفسه في نفس اللحظة وذكَّر نفسه بأنها حية والشر متوقعٌ منها في أي وقت فترك المكان وقرر أن يكمل سيره، ولكنه وجد نفسه مُحاطًا بالرمال من كل مكان، لا يعرف ماذا يصنع وإذ يسمع صوت زئير قريبٌ منه إذ هو بأسدٍ، فقرر صديقنا هذا ألا يخاف فإنه واثق من كونه صنديد وأنه سيُرهب هذا الأسد، ولكن عندما رفع الأسد يديه فقد صرخ صديقنا، وضحك الأسد ثم قال له: يا صديق إنك متحفنش، أنت لم تكن صنديد في أي لحظة، أنت وهن وغبي تخير نفسك بين قرارين وكلاهما خاطيء، إما تهين أو تهرب فكر قليلًا يا صاح...
اِستيقظ صديقنا على صوت زحام السيارات، وظل يفكر فيما تخليه ففسر وجود الصخرة وهو الصديق الذي وجد راحته معه، وأما عن الحية فهي ذا الجعسوس الذي فرق بينه وبين صديقه، وعن الرمال فهي الوقت الضائع والحياة المعدومة التي عاش بها صديقنا، وأما الأسد فجهل صديقنا به لم يعرف تفسير لوجوده ونصحه، فأما يا أصدقائي عن الأسد فهو عطية من الله عز وجل، فهو العون ولحظات الإفاقة التي يساعدنا بها الله للعودة لحياتنا؛ فتصبح في أفضل حال.
بقلم: فرح مصلح

تعليقات
إرسال تعليق