هل أستطيع ابتداء حديثي بقولي أحبكِ، أم أستفرد بسردِ المواقِف العديدة بيننا؟ أتعلمينَ مشاعري المُتدفقة تجاهكِ، أم لا بُد من تذكيركِ بها؟
يُقال أن المرء لِمُماثله يُرافق، إلا أنه معكِ كانَ اسمًا وفعلًا، هل يمكنني إعلامكِ بجهلِي التام عن السبب الذي نمَّى صداقتنا إلى ذاك الحد؟ أعلم أن الأمر غريب، لكني لا أتذكر سوى الأمان، عندما أحاول استذكار نقطة البداية، أوقن أنني لم أكُن لأقترب منكِ وقتَ تزايد الرِفاق عليَ، واستثنائكِ من بينَ الجميع إلا بسلامِ قلبكِ وهدوئه، لم ولن أنسى -مُطلقًا- عالمِي معكِ في الصف الأول الإعدادي، كُنت مهمَشة على حدود المعارف، فتاة جديدة لا تدري أيُّ القلوب قد تحتضنها، لكني وجدتكِ، وارتحتُ في وجودكِ، واكتملتُ بكِ، حتى ملامحُنا، كثير منها يُماثل الآخر، وكأننا خُلقنا لِنغدوا وطنًا لِبعضنا! صورنا العديدة، أحاديثنا المُختلفة، التقائنا قبل الذهاب لاختباراتِ العام الدراسي؛ لنذهب سويًا، مُذاكرتنا -معًا- عبر الهاتف، وتقاسمنا آلام التوتر والاضطراب، وشُرب عصير القصبِ أو تناولَ طعامنا المفضل في إحدى المطاعِم الهادئة، كُنتِ وما زلتِ وجهتي الأولىٰ التي ألجأ إليها حين وحدتي وسعادتي يا مريمَة القلب والرُوح، وبما أن حديثي عن أول عام انفردت فيه بكِ، أود أن أسألكِ عن شيء: أمُتذكرة لِسؤال الرفيقة سما، الذي ألقته علينا ونحن نتأهب للعودة إلى الديار بعدَ يوم امتحانات عصِيب، وكان مضمونه: مَن رافقتِه أولًا، أنا أم مريم؟ أجبتها وقتها بأنه أنتِ، ورغمَ تعرفي عليها، إلا أنكِ كنتِ الأقرب، حصر أني أعتذر يا سيدةَ قلبي الأولى؛ حديثي ذاكَ زائف، ولا صحة له؛ فأنا لا أذكر أني تعرفتُ عليها بداية، ومهما حاولتُ استجماع ذاكرتي؛ أفشل عن تحقيق ذلك! لا أذكر سواكِ، وملك، الرفيقة النهائية لمرافقتنا الثلاثيَة، والتي انضمت لمجموعتنا الآمنة العام الثاني، قضينا لحظاتٍ لا يخفل الوجدان عنها، وأوقات تشاركنَا فيها ذكرياتٍ لن تنسىٰ، هرولتي إليكِ بعد خوفِ الامتحانات، هروبي من الباقين؛ جراه الاطمئنان عندكِ، الغناء برفقتكِ عقبَ يومٍ عصيب، مُشاركتنا الأموال وشراء ما نريد، الأعاصير الحادثة -فجأة- في أغلب أوقاتِ خروجنا مُنفردين، الضحكات المُنبثقة من جوارح ساكِنة في وجودك، الذهاب إلى المكتبة والمذاكرة معًا، سردِ بعض أحزاننا ومساوئنا دونَ خجل من سوءِ فهم أو ما شابه، وغير ذلك كثير؛ فَهل بعدَ ذلكَ لديكِ شك في ألا تكوني جزءً يتجزأ من حياتي، وأصلًا فيها ليسَ فرع، وواجبٌ محبب غير مُكره؟ أعلم أني أخبرتكِ وهيسُوكا بعدمِ وجود مَقيل في كينونتي سواكما، إلا أني في ذكرى مولدكِ الخامس العشر، والثالث معِي، أخبركِ أن الغيرة حليفتكِ المضمرة عنكِ، والغرام الواقعي تستوطنين عليه، والسعادة لا تلازمني بطبيعةً إلا من خلال رؤيتكِ تبتسمين بصدق! رُبما خفلتُ عن مكانتكِ في باطني لبُرهة من الوقت، لكن رجاءً اغفري لي تلكَ الذلات السابقة، وأيقني أنكِ ستبقينَ السراج المُنير الذي لن يُسلب ضيائه من وجداني؛ لأنكِ أنا، ولا فرقَ بيننا، حتىٰ في أغلب الطباع والصفات، يا توأم روحِي وعظِيمة مكانته، ورُغمَ أن اليوم ذكرىٰ مولدكِ، وشغفي لا يستطيعُ تجاوزَ ذلكَ اليوم مع مَن يحتلون قلبه دونَ شيء مميز، وليس بهيّن عليَ إمراره دون صِياح مُتعاقب، إلا أن قلبكِ أهمُ شيء لديَ، والأمر الذي لن أبخل عليه بأعظَم الأسباب؛ لِتحقيق سعادتِه، فكُل عامٍ وأنتِ أهمُ وأحبُ رفيقة زارت شغافَ قلوبنا ولم تفارقها، وكُل يومٍ وبقائكِ بجوارنا دليل قاطع على وُجوب استمرارِ السعيّ دونَ توقف، وكُل ثانية وجوارحكِ تعافر؛ لتجاوزَ ما يُبغضها دونَ عناء مضاعف، عام جديد لكِ يا موطنِي في وطنِي، عام مُقبل عليكِ يا حبيبتي في كنفِي، أدامَ الله تألق ابتسامتكِ باطِن عالم عيني.
بقلم : مريم الديب

تعليقات
إرسال تعليق