" سفينةٌ الأحلامِ "

القائمة الرئيسية

الصفحات


- جَلستْ على حافةِ الجسرِ منتظرة قدومه كحال كل ليلةٍ ، فقد وعدَ كلًا منهما الآخر بالبقاءِ ، فلا لِقاء بعد لقاءِ الروحِ ولا أجملَ من حبالِ القلوبِ يظلُ المرءُ متشبثًا بآطرافهِ مدى العمرِ.

وكأن الحب خُلقَ على مقاسِ قلوبهِما ، وأصبح الجسر شاهد الزور الوحيد لعشقٍ شُيع قبل إعلان ميلاده!

وبعد دقائق من الإنتظارٍ وجدتُه أمامها...

يقف هائمًا بمياهِ الجسرِ وكأنه بوادٍ غير واديها. 

فأقدمت نحوه بخطواتٍ هادئة....

قائلةً له :-  أين كنت؟! 

فكانت الإجابة دموعًا بدلًا من الحروفِ الأبجديةِ ...

شعورٌ صعب أن يبكىَّ الرجلُ أمام من يُحب، ولكن الحب وحده مرآة عيون المُحبِ. 

فقد غلبتها دموع عينيها هى الأخرى على البكاءِ وبدون أسباب أو دوافع ، فعندما تتحدثُ القلوبِ وُجبَ على العقولِ الصمت. 

فكما تقاسما أيام الطفولةِ والسعادة وراحة البالِ ، فها هما يتقاسما الحزنَ و الليالىَّ الثُقال!

ولكن هذه المرة قطعَ صمته قائلًا لها:- 

 "الحبُ وحده لا يكفى يا فاطمة ، وسفينةُ الأحلامِ مجرد أوهام "

نطقَ حروفه بلهجةٍ ساخرة تُوحى بالنهاية ....

ولكنها لم تجب ، وفضلت صوت الكتمانِ عن همساتِ الحقيقةِ المُوجعة. 

وعادت إلى حافةِ الجسرِ وكأنها لم تسمع خطواتَ مجيئه من البداية. 

وأستمرت مُحلقةً بطيورِ الظلامِ وضوء القمرِ الشارد...

فجلسَ بجوارِها ، ولأول مرة يستندُ بظهرهِ على بناء الجسرِ ولم يستندُ بظهرها.

 وأطاحَ كلًا منهما بوادى أحلامه...

فهى تحلم بسفينة الأحلام وأمواج العشق والحب والهيام. 

وهو يحلم بسفينة الهجرة وضريبة لقمة العيش حتى ولو كلفه الأمر الهجر و النسيان.


بقلم : رحمة عبدالله "نجمة الكتب"

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع