تمامًا مثل ثلج لم يذُب بالتمام، في الظل حيث لا أحد يدري ما بالأعماق، أُبقي هَذِه المشاعر بداخلي ولا تُنطق بالكلام، أدفنها في ذاتي هناك بالقاع. هيا أخبرني الآن، كيف يُمكنني أن أنساك؟ كُنت دومًا صديقي الحَنّان، و أنا متأكد أن لا أحد يفهمني سُواك. كيف يُمكنني الآن أن أُغلق الباب على تلك الصداقة؟ لقد ظننتها أقوى علاقة، ولكنها نهشت في قلبي كالسُم فتاكة، إذ فقدت كل أشعتها البراقة. كل شئ لديك فقد البريق، ولم يبقى لي سوى الذكريات، أدَرتَ لي ظهرك يا صديق، ولم يتبقى لي سوى بضعة كلمات، بعضها دفعني لأسقط في الضيق، وبعضها رسم رُغمًا عني على وجهي أبتسامات، ما أريد أن أنساه هو أكثر شيء لا يمكنني أن أمحوه، أكثر شخص كُنت أهواه هو أكثر شخص أمرت قلبي وعقلي أن يُمزقوه، ولكن ظل القلب يقول، وماذا لو عاد معتذرًا؟ هل ستُلقيه خارجًا أم تأخذه بين الأحضان؟ ألن تنسى كيف كان جارحًا أم ستظل كلماته القاسية تُطاردك في كل مكان؟ حقًا لقد نجح القلب في عقد اللسان. ربما حقًا أنا لست قادرًا على قول كلمة الوداع، ولكن يُمكنني المُضي قُدمًا الآن، ربما حقًا هو لي باع، ولكنني لن أقوى على كُره ذلك الإنسان. لأبقى دومًا المُحِب المجروح.
تمامًا مثل تعويذة غير قابلة للإنكسار، أو نوع من اللعنات، لا يمكنني مهما حاولت الفرار، لأنني أمنت بأن صداقتنا فوق كل التوقعات. أعلم أنني لازالت مُتمسكًا ببعض الأمتعة الثقيلة، أعلم أن توقعاتي عنا كان يجب أن تكون قليلة. أخبرني الآن، ما كان لون الغد الذي كُنا نحلم به آنذاك؟ وما لون السماء التي تترائى الآن لعيناك؟
ويبقى القلب يُردد السؤال، ماذا لو عاد مُعتذرًا؟ رُبما لن أفتح معه جِدال، ولكنني سأقول له أن الدموع الباردة قد تجمدت تحت السماء، وإن كل شئ يستمر بالتغيير، لقد كُنا متفائلين بذلك اللقاء، واليوم لم ألقى منك سوى التعيير. ولكن شكرًا لك على أية حال، لأن بفضلك صار قلبي قويًا على الآلام، و تعلمتُ حقًا أن دوام الحال من المُحال، لذلك تمكنت من المُضي قُدمًا نحو الأمام.
شخصين كانوا معًا ثم تمزقوا لأجزاء، هذا كل ما في الحكاية، كانا يتطلعان في يوم إلى ذات السماء، و لم يكونا يتوقعا حينها النهاية.
حتى لو كان كل شئ يفقد لونه في أحد الأيام، سأحتفظ بعهودنا في قلبي حتى الممات، حتى لو بدوت كأحمقًا في عيون الأنام، لن أهدم من داخلي تلك الكلمات.
لا يهمني إن عاد مُعتذرًا أو أكل الدهر قلبه بالكامل، سيظل قلبي لوده حامل. ولكن لن ينسى قط طعم الجِراح، إذ أن حُبه أتى عليًّ بخسارة وليس بأرباح، سيظل يبكي مجروحًا طوال الليل حتى الصباح. ومهما مرت الأعوام، سيظل في داخلي الود و الوئام وإيضًا كل الآلام. لأبقى دومًا المُحِب المجروح.
بقلم : ريموندا حنا

تعليقات
إرسال تعليق