" أسطورة متى يأتي "

القائمة الرئيسية

الصفحات


- كان يا مكان فى قديم الزمان، عصفور شريد بزمنٍ لا يعرف سوى القوة والخنوع. 

كان صوته أشبه بصوت الملاك، وريشه قد خُلق بأجمل الألوان، ولأنه كان مميزًا ومختلفًا غضِبت من وجوده جميع الكائنات. 

وكُتب عليه البقاء وحيدًا، فلا ونيس ولا جليس يُشعره بقيمة الحياة. 

وأصبح اختلافه عيبًا بين الخلق والعباد، فمن يلقاه يُؤنِّبه على ذنبٍ لم يكن بما اكتسبت يداه. 

ولأن التنمر اسم من أسماء البشر على تلك الحالات، لم يجد له مُسمّىٰ غير حقد وكراهية وغيرة بلا سابق إنذار. 

وفى يوم من ذات الأيام وجدَ عصفورة من نفس فصيلته تجلس على حافة جسرٍ، كانت تبكي بحرقة على طيورها الصغار؛ فقد قُتلوا غدرًا باسم الأغلبية فلا مجال للاختلاف. 

فأخذته الشجاعة لمعرفة ما حلَّ بهم، وهل ما سمعه حقيقة أم خيال؟. 

فقال: "كيف حالكِ؟" 

فأجابت: "صغاري السابقون ومن الواضح أننا اللاحقون". 

فغضب من كلماتها الجارحة، فمهما كان الواقع مريرًا يَكره لو صُرح به. 

فقال: "ولمَ التشاؤم؟" 

فأجابت: "ولمَ الأمل؛ فالمختلف منبوذ والمميز مقتول". 

لم يجد العصفور سوى أن يُخفف عنها، ولكنه بالنهاية أراد أن يزيل العتمة عن عينيه أولًا مهما غُيمت عينيها. 

وقال كلماته المأثورة: "إن كان الاختلاف عيبًا، فَـلِمَ خُلق عن تعمد؟، فالله لم يخلق شيئًا إلا بحكمة وقدر، فانظري للكون حولكِ قد بُنيَ على الاختلاف حتمًا؛ فالسماء من أعلى والأرض من أسفل، والشتاء يخلفه الربيع والصيف، فلا عليكِ، انجبي صغارًا غيرهم وازرعي القوة بنفوسهم وعلميهم أن الحق منبوذٌ بين الباطل، والكرم عيبٌ إن زُرع بحقول البخل، ولا تقولي متى يأتي النور بعد الظلام، فلن يطلع بصيص النور إلا لمن حفرَ بالصخر". 


 بقلم : رحمة "نجمة الكتب".

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع