إنني امرأة على هيئةِ بركة دموع تغرَق في نفسها، امرأة تملؤها المخاوف، وتركلها الأيّام ببراعةٍ" إنني امرأة سَحقتها الحياة، وأُدهست تحتَ أرجل الأقربون، تَهابُ الجميع والإجتماعِ بالجمعِ، إنني امرأة طُعنت بِنصلٍ حاد مَزَقَ رَوحها على يدِ أبيها، الذي سلب براءة طُفولتها، وأسقطَ ابتسامتها كتساقط أوراق فصل الخريف، إنني امرأة أُعدمتْ زهرة شبابها قبل أن تمضي بِها، إنني امرأة أُعدم صوتها، وحُكمَ عليها بالصمتِ المؤبدِ، إنني امرأة سُلبَ مِنها حق الإختيار، والحديث، حتى الحق بالحياةِ، أهذا كُل الظلم لِكونِها امرأة أم ماذا؟! أصبحتُ إمرأة واهنة من داخلي، هشة تكاد يُحطمها مجرد عبث الهواء بالجفونِ، مُعلنة الإنهيارِ، تاركةَ العنان لِبحر انهزامِها بالسقوطِ؛ فإنني حقًا امرأة على هيئة بركة دموع تغرَق في نفسها، سابحةً في خيبات الماضي، ساكنةً لتوالي كُل هؤلاء الصفعات التي تُذهبني عن الحياة، وتأسرني بِعالمٍ وَحْشي مُلتهمًا لبرائتي، أركلتني الأيام بين طياتها، ولكنني لا زِلتُ أبحث بين طياتها عن طريقٍ للنجاة قبل الفناءِ، إنني امرأة لا زالت تتشبث بِلهيب الماضي، كي تُشكل بنيرانهِ ماس المستقبل، إنني إمرأة لا زالت تُحافظ جمودها، رغم تَهشم رَوحها، إنني امرأة لا زالت تُحافظ على جمال، ونقاءِ ابتسامتها، رغم ذاك الحُزن والخوف الذي يَدُب بِأوصالها، إنني امرأة لا زالت تنثر البهجة، والسعادة، وتوصي بالخير، وتمنح الفُرص، رغم انتهاءِ رصيدها من فُرص النجاةِ، إنني امرأة لا زالت تُفرط بالعطاءِ، رغم فقدها إياه وحاجتها إليه، إنني امرأة لا زالت تبث الضوء وتُنير بصيرة القلوب، رغم عتمة رَوحها من قبل الجميع، وطعنها بِنصلٍ حاد على يدِ أبيها، على يدِ من يُسمى بالأمان لدىٰ الأُخرياتِ، لا زِلت كما أنا امرأة جامدة، صامدة لم تُسقطني وَهن الروح، وخيبات الماضي، ولا حتى طعنات الآقربين، نهايةً بِطعنة أبي المُميتة لِروحي، لا زِلتُ أمضي بِطريقي، مُتكأةً على الرحمٰنِ الرحيمِ، الرحيمُ بي وبِقلبي، والمُنيرٌ لبِصيرتي بِدربي، قد أبدو امرأة واهنة غدرت بها الأُناس والأيام، ولكني حقيقةً امرأة مُتمردة قذف بِي تَمَرُّدي إلى حُبِّ المواجهة؛ فلا تستخف بي يا عزيزي لِكوني امرأة؛ فمتي حاولت الإستخفاف بي، ونثري إلى رمادٍ، صنعتُ من تهشُّمي وانكساري نيرانً أحرقتك وأذهبت بِرجولتكَ عنان السماء إلى خالقكَ الباري، وأدهسكَ هو بِعقابهِ إلى أسفل الترابِ، وتكون نهايتكَ تحت قدمي، يا من يَكمُن باب جنتكَ تحت أقدامي، فلا تُلقي بِضعفي في الهباءِ؛ فحينما يَحين الوقت أصنع من ضعفي قوةً تهز الأرجاءِ حارقةً البحر واليابس، وهكذا تقبع قوة المرأة من ضعفها.
بِقلم : عزة إبرهيم

تعليقات
إرسال تعليق