الآحمق خالف الوعود

القائمة الرئيسية

الصفحات

 

وقفتُ أنظر إلى السماء فهي تُمطر الآن، خفضتُ رأسي لأنظر على حذائي وسروالي الجديد الطويل والفضفاض زيادة عن العادي؛ فهذا السروال اشترته لي أُمي؛ لأكون مثل الفتيات الحمقى، فهذا السروال من أحدث صيحات الموضة لعنة الله على هذه الصيحات التي بلا منفعة بل تضر، السروال  الآن مُلطخ بالطين وبدلًا ما كان لونه أزرقًا أصبح بُنيًا، وهأنا واقفة في منتصف الطريق، تبلل شعري بماء المطر، وتلطخ سروالي من الطين، موقف لا أُحسد عليه، رفعت عيناي لأنظر إلى اللاشيء؛ ليذهب تفكيري وأتذكر حالي في هذا اليوم الذي تركتني ورحلتُ عن عالمي.


تذكرتُ كلمات الطبيب الذي خرج وعلامات الأسف على وجهه، ولكنه خبرني بأسوأ خبر مر علي في حياتي هو رحيل روحي عن جسدي، أيّها الأحمق كيف أصبحتَ طبيبًا بكُل هذا الغباء؟ 

ألا تعلم من هو الذي بالداخل وتُخبرني بكُل سذاجة انه رحل؟ 

لا أعلم أنا ماذا أفعل؟ يدي وملابسي مُلطخه بدمائه بعد احتضاني له عندما واقع على الارض فكان هذا الحادث الأليم بشع، هل أقتل هذا الأحمق الواقف أمامي؟ ولكن ما ذنبه؟ 

ام أصرخ صرخة تحمل اسمه لتنعشه مرة أخرى للحياة؟ 

فوقفت أنظر للدماء التي تغرقني فأنا لا أعلم ماذا افعل حقًا لا اعلم؟ 

وقف عقلي وقُتل قلبي بسكين بارد، عقلي صدق هذا الخبر اللعين، لكن قلبي رفضه، عقلي يقول: رحمه الله، وقلبي يقول: انه مازال على قيد الحياة منتظرك بالداخل. 

 انا اقول:لماذا ذهبتَ وتركتني؟ 

حقًا لا أحمق غيركَ أنتَ أيها الغبي لماذا وعدتني بالبقاء وأنت تعلم بأنك لا تفي بالوعود وتكذب كتيرًا عليّ؟ 

إذًا أنا آسفة عُدْ لي وهيا لنذهب سويًا مرة أخرى، أرجوك لا تذهب وتتركني وحيدة، آسفة على كُل شيءٍ فعلته وازعجك، آسفة على كُل مرة لم أستمع أوامرك، آسفة على كُل مرة لم اصدق حديثك وأقوم بتكذيبه

لا ترحل، لم أستطع مقاومة دموعي أكتر من هذا، ولم أستطع مقاومة صوت صراخي أكتر من هذا. 

أنهمرت دموعي، وخرج صوت صراخي

ها أنا الآن امام الأحمق والغبي وخالف الوعد والكاذب، هأنا الآن أمام روحي التي رحلت، أمام ضحكتي التي سُرقت، أمام فرحتي التي ماتت معه، أول مرة أراه هادئًا، أول مرة أبكي ولا أجد يديه تمسح دموعي، أول مرة أحزن ولم أجد صوت ضحكتة لتمحي هذا الحزن، أول مرة أخاف ولم أجد حضنه يطمئن قلبي، أول مرة افتقد احدًا ولا أجد من يعوضني مكانه، أول مرة أفتقد أحدًا وأشعر بفقدان روحي معه. 

والآن أنا واقفة لأتفاجئ بوقوف المطر وبهبوط دموعي مثل المطر، فهو كان بالنسبة لي الحياة والروح وكُل شيء. 

لن أنساكَ، لن يأخذ احدٌ مكانكَ.. 

 اشتقتُ لكَ.. اشتقتُ لك كتيرًا


بقلم : مَيَّ مُصطفىٰ

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع