مع غروبِ الظلام، وبروز الضياء، وقبل إشراق الشمسِ على منطقتِي وقلبي؛ لِتعلن بداية يومٍ جديد مُفعمٍ بالحيوية والأمل، خرجتُ برفقةِ أخي وبعض الدُمى التي آثرت البقاء معنا إلى الخارج حيثُ الجحيم، سِرت أمام الشخص الذي صار يُمثل لروحي كُل العائلة والانتماء بعدَ إبادة باقي أفراد الأسرة؛ خوفًا من أن يكون بانتظارِنا قوات احتلال أخرى، رأيتُ المنظر المُسيطر على محيطنا؛ فانخفض رأسي رغمًا عني، واحمرَّت مقلتيَّ مِن قسوةِ الدمار الذي يحتضننا، كُل شيء بات كالأدواتِ المُلقاة في النفايات بعد عملية بناء مُرهقة، صُدعت أعمدة المنزل، وأثاثه، والمواد المُستخدمة في صناعته، وغدى اللون الرمادي، الذي طالمَا كرهت تواجده لُطف وجودي حليفي، والشيء الوحيد الذي يحق لنا الاتكاء عليه وإكمال عيشتنا فيه بكُل خوف وجزع من سقوط إحدى الأجزاء المُتماسكة -جزئيًا- علينا، ما زلت عاجزة عن تفسير ما يحدث معنا رغم أنه ليس غريبًا عليَّ؛ فآلاف الأطفال والأسَر قبلي رافقوا ذات مصيري، إلا أنه -للأسف- حدوث الأمر مع المرء أصعب بمراحل من التخيل! أشعر بالهمِ يتثاقل فوقَ عاتقي، وما عادت ملامحي تتحمَل كتمان أحداث باطني، لقد كانت حياتنا مُشرقة بالتفاؤل والسعيّ، كُل شيء برفقتي وأخي يؤكد ذلكَ، شجعنا والدانا -دائمًا- على اختيار الألوان الهادئة والفاتِحة؛ كي تزيل عنا ديجور التشتت واليأس، لكن الآن الأمور اختلفت، وغدوت دون داعمايَّ الأوليان في وقتٍ يسوده الاضطراب، حِصر سأحاول التمسك بصمودي، وطمأنة فؤادي؛ لأكون مقيلًا يُعتمد عليه أخي؛ فإننا من ذلك الحين وطنًا لكلينا.
بداية وطن
بقلم : مريم الديب

تعليقات
إرسال تعليق