الموت هو أشد الحقائق خوفًا وأكثرها راحةً وأمنًا؛ فنحن نخاف من حسابنا وإنْ كنا صالحين، وأكثرها راحة؛ لقسوة الأيام وحرقة الحرمان من الأحلام والأحباب، وأمنًا؛ لرحمة ربك بدخولك جنته ورؤية وجهه، فالموت صعب التحديد، أهو شعور فرح أم حزن! ولكنّ الأكيد أنه نهاية بقاء روحك علىٰ الأرض وبداية صعودها لخالقها وموعد فناء جسدك وأنْ يدثره التراب بين ثناياه؛ ولكني أرى الموت ثوبًا أبيض يُلف فيه جسد أي إنسان؛ ليوضع داخل مكان مظلم ووحيد لا يوجد معه غير أعماله طوال حياته، فحينها فقط ستتذكر أنَّ الطيب ليس بضعيف والمتسامح ليس عديمي الشعور والكرامة، وأن المعطي له جزاء؛ ففي تلك اللحظة ستدرك أن كل هذا هو ما سينير قبرك ويرحمك من العذاب فيه، وأنَّ المُسيء والغدار والكاذب والمؤذي، وكل من تفاخر بأعماله السيئة ولعن الأعمال الحسنة بأنها عديمة الفائدة، وأنها تضعف صاحبها ليس إلا؛ سيكون هو الوحيد المتألم والنادم علىٰ كل أفعاله وأقواله، فالموت أبشع أنواع الفراق فحسرة عليك حينها إذا فقدت عزيزًا على قلبك، وذهبت بعد موته تناجي التراب وترجوه أن يُخرجه ولو للحظة لك لتضمه، ولكن التراب سيرفض الانصياع لك ويعصي مع الحياة أمنيتك الوحيدة ليريحك ويتركك تبكي وتتألم بكثرة بدون فائدة؛ فالموت عبارة عن جسر بين عالمين ولا أحد فيهما يستطيع العبور للآخر، فالموت حقيقة مُرّة لأنها تعلمك أن كل شيء فاني؛ فالحي في لهاء والميت في ندم ورجاء.
بقلم : نورهان جمال گ أوركيد

تعليقات
إرسال تعليق