مَن التالي؟

القائمة الرئيسية

الصفحات


- وصلتُ لمنزلي أخيرًا بعد يومٍ من العملِ شاقٍ ومتعب، وها أنا الآن سأرتاح من شرود التفكيرِ وآنين الجسدِ، ولكن أين الراحة، وكل شيء من حولي ينزف، ينهار، يُقتل، يُشرد، يُهدد بالفناءِ.

ووجدتُ نفسي تلقائيًا اتجه لمتابعة أخبار الساعةِ، وروحي تهتف بكل ما فيها: متى ستُحرر فلسطين؟

وأكاد أسمع صوتًا يُعلن صاحبه الخلاصَ، فمن هنا وصاعدًا فلسطين ملك للمسلمين، ولكن تفاجأت بكثرةِ عدد الشهداءِ وصور تشيبُ لها الولدان شيبا، ومع ذلك لم يتردد مناضلٌ واحدٌ عن المقاومةِ، فكيف ذلك؟! ومن أين أتى بكل هذه القوة والشجاعة؟! ألم يخاف الصواريخ! ألم يخاف الطائرات!  ألم يخشى الموت قط! وكيف يتسرب الخوف لقلبهِ وهو يسعى طلبًا للشهادة!

 فإما النصر للأرض وإما الشهادة دفاعًا عن العرض.


- لم أستطع مواصلة المتابعة، شعورٌ صعب عندما تجد إخوانك يُقتلون بدمٍ باردٍ وما عليكَ سوى المتابعة فقط، صحيح الدعاء يصنع المعجزاتِ ولكن ما أُؤخذ بالقوةِ لن يُسترد إلا بالقوةِ، ونحن والله لها وألف لها. 

فلمحَ زوجي دموعي المُنسدلةِ وخفقان قلبي وكأنه يوشك أن يتوقف بسكتة قلبية، وأسرعَ بتغيير القناة لقناة أخرى لأفلام وثائقية تتحدثُ عن الجرائم الحيوانية وشرائع لعالمٍ البقاء فيه للأقوى، ولم يعلم بأنه يزيدُ الأمر سوءًا، وبدأت أربط الأحداث كأنها خيوط عنكبوت واهنة، ورأيت أبشع مشهد بعالم الحيوانِ، فهدٌ ينقضُ على فريسة بثقة وشموخ وجبروت، والغريب فى الأمر أن البقية كان يُمارس دور المُتفرج بمهارة باسلة، فهل تجمعتم؟ هل توحدتم؟ 

تالله لو نطحة واحد فقط بشجاعةِ وإيمان لألقاءه درسًا لا ينساه، ولكن أدار كلًا منهما وجهه وكأن الأمر لا يعنيه. 

فكانت النتيجة سؤال بلا ملامح: من التالي؟

وأنا لم أقصد هنا الفهد أو الغزال، ولكن قالوا قديمًا:  ( اللبيبُ بالإشارةِ يفهمّ).


بقلم : رحمة عبدالله

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع