ضحكة الأطفال

القائمة الرئيسية

الصفحات


عندما نَظرتُ في مرآتي رأيت صورتي في أهم مرحلة في حياتي. عندما كُنتُ طفلة بريئة، تمتاز بتلك الأبتسامة الجريئة. عندما كان كل همي بضعة ألعاب، عندما كُنت لا يؤمن بمُحال، عندما كُنت أجمع حولي الأصحاب ونلعب معًا بمُزاح وجِدال. عندما كان طعم الحياة حلوًا في فمي، عندما كانت الدراسة هي كل همي. 

حينها كُنت أستطيع الطيران، كُنت أضحك مُستهزئة بالأحزان، أغفو بين أمل وألحان، وأسمع الطيور تعزف بالكمان، وأتخيل الزهور بكل مكان. أُبحر بمخيلتي في أي فضاء، يمكنني أن ألمس السماء، وكُنت ألهو بمياه نهر الخيال الزرقاء، ألهو وألعب وأفعل كل ما أشاء. 

بين غيم يعانق السماء، كانت تغفو العينان، بين قمر يُقبل وجنتي المساء كان القلب يلهو بحنان. ومع نجوم ترقص مع النسيم كانت الروح تسبح للبعيد، ومع قوس قزح يُداعب المطر صديقه الحميم أُرسل قُبلاتي للشمس بالبريد.

نظرتُ لصورة تلك الطفلة الصغيرة وبداخلي ثورة عارمة كبيرة. أخبريني يا مرآتي لماذا أنتهت سعادتي بغمضة عين؟ لماذا لم تطُل ساعاتي؟ متى ودعت فرحي والتصقت بالأنين؟

لم أشعر كيف مرت الأوقات؟ كيف تغيرت الضحكات؟ متى تبدلت الثياب؟ منذ متى وأنا لم أذق طعم أبتسامات؟ لماذا انطفأت روحي كما لو أنه الممات؟ متى أُغلقت كل الأبواب؟

لم أُدرك حتى الآن، متى ودعتني طفولتي وسلمتني للأحزان؟ وأنني لأشتهي لو كان الرجوع بالإمكان. لذلك أترجاك إيها الزمان، حتى وإن كان مُحال، أعدني لذلك المكان، لأنني لم أنتهِ بعد من ضحكة الأطفال.


بقلم : ريموندا حنا حبيب

مسئول قوافل خارجيه لدى جمعية رساله

تعليقات

التنقل السريع